هل أنت ممن يعشقون الرفاهية، وارتداء المنتجات الثمينة؟.
الآن يمكنك التمتع باقتناء جاكت من جلد الماعز الأسترالي الطبيعي، بسعر لا يزيد عن 30 ألف جنيه مصري، وهو سعر لن تجده بأي حال في أي متجر آخر، باستثناء متجرنا، فالسعر لدى الوكيل الأجنبي يصل إلى 2500 يورو، وهو غير متوفر لدى الوكيل المصري، بينما نملك نحن قطعة وحيدة من اللونين الأسود والبني، فاغتنم الفرصة.
هي فرصة إذن، يتعين على سعادتك اغتنامها، إذا كنت من متابعي وهم تلك التخفيضات السنوية المعروفة بـ"البلاك فرايدي"، تلك الصرعة الغربية التي انتقلت إلى أسواقنا التي يضربها الكساد، وبدلا من أن يستغلها التجار وكبريات الشركات المصرية المنتجة، لترويج سلعها البائرة، بتخفيضات حقيقية ومعقولة، تسهم في إنعاش السوق وتعظيم الرواج التجاري، تحولت إلى وسيلة جديدة للنصب، واستنزاف ما تبقي في جيوب المصريين، الذين يقبلون – من عجب – على تلك التخفيضات الوهمية، بصورة تفوق بكثير، حجم إقبال الأوروبيين على الشراء في الجمعة السوداء، رغم ما تقدمه متاجرهم من تخفيضات، وشركاتهم من عروض تفوق الخيال.
القاعدة الاقتصادية المعروفة تقول بوضوح، اشتر ما تحتاجه فقط، ولا تسرف مالك في كل ما ترغب بشرائه، لكن المصريين برغم الحالة الاقتصادية المتدهورة يفعلون العكس، وربما تكفي نظرة سريعة على العديد من المولات التجارية، أثناء عروض "الجمعة البيضاء"، وما تشهده من زحام مرعب، للدلالة على حجم السفه، وما أصاب قطاعا كبيرا من الناس، من هوس الشراء، تحت تأثير تخفيضات تبيع الوهم، وتروج لبضائع راكدة، بأكثر مما تقدم من عروض حقيقية، تنعش الاقتصاد، وحركة البيع والشراء في الأسواق.
لا تتوقف عمليات النصب التي يقع فيها كثير من المصريين، في عروض الجمعة البيضاء، عند حد تلك التخفيضات الوهمية التي تقدمها العديد من المولات والمراكز التجارية، لكنها تمتد إلى كثير من المواقع الإلكترونية، التي تعلن عن بضائع مستوردة، بأسعار لا تفوق الخيال فحسب، وإنما تزيد أيضا وبنسب تصل إلى الضعف، عن الأسعار التي تعلن عنها الشركات المنتجة في بلادها الأصلية، وهي منتجات أصبح من السهل اقتناؤها بأسعار في متناول اليد، عبر عشرات من مواقع التسويق الإلكتروني، التي تلعب دور الوسيط، بين تلك الشركات وجمهورها حول العالم، وما يثير الغضب هنا، هو تلك الأسعار المبالغ فيها للعديد من المنتجات المصرية، مقارنة بأسعار تلك المنتجات المستوردة، على ما تتميز به الأخيرة من جودة في الصناعة، ومواكبة لخطوط الموضة العالمية.
لا يعرف المرء على وجه الدقة، ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه جهاز حماية المستهلك، في مواجهة مثل تلك الظواهر التي يشهدها السوق المصري مؤخرا، لكن الذي يعرفه الجميع الآن وقد انتهى شهر التخفيضات الوهمية، أن مفاتيح اللعبة لا تزال في يد تلك الفئة القليلة من كبار التجار في مصر، وأن وزارة التجارة والصناعة لا تزال تلعب دور المتفرج.
إرسال تعليق