الحرب على الأبواب، ولعلها تكون قد اندلعت بالفعل، وأنت تقرأ هذه السطور، فالأحداث تتلاحق بسرعة، وعلى نحو لا يسمح بقراءة مدققة للوقائع، أو لإخضاع ما يجري لعلوم السياسة والاستراتيجيات، فقد أصبحنا بالفعل في عالم منفلت، يفتقد الحكمة، ويقوده الجنون.
الحرب على الأبواب، وما المناوشات التركية، التي تخرج بها أنقرة بين حين وآخر في ليبيا، بهدف جر الشكل مع مصر، إلا توابل هذه الحرب، فلا أردوغان على حمقه، بهذا الغباء الذي يدفعه لأن يقذف بالجيش التركي، إلى أتون معركة يعرف أكثر من غيره، أنه سوف يخسرها بامتياز، ولا هذا العالم المختل، قادر على أن يتحمل مزيدا من التوتر، في منطقة باتت تقف على برميل بارود مشتعل، بعد التصعيد الأخير بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وتلويح واشنطون، بردود سريعة وقوية، "وربما بطريقة غير متناسبة"، مع أية ردة فعل إيرانية، عقب مقتل سليماني، قد تستهدف الجنود أو المصالح الأمريكية في المنطقة.
الحرب على الأبواب، ولعلها بدأت بالفعل على "تويتر"، الذي اعتبر ترامب ما يدونه عليه من ملاسنات مع الإيرانيين، بمثابة إخطار للكونجرس، بينما الأخير ما زال يحاول حتى اليوم، احتواء غضب عدد كبير من نوابه، من الضربة الجوية التي نفذت ضد قائد فيلق القدس، دون إخطار مسبق، واعتبرتها رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي "مجازفة بأرواح الأمريكيين"، ووصفها الديمقراطيون بأنها "غير قانونية".
الحرب على الأبواب، لأننا أصبحنا نعيش في عالم يفتقد الحكمة، ويحكمه الجنون، وهي حالة استثنائية، تستلهم الأجواء نفسها التي استبقت الحرب العالمية الثانية، عندما فشلت أمريكا، وعجز العالم، عن وقف نزق هتلر وجنونه، ولعله الجنون نفسه الذي أدي في منتصف الأربعينيات، إلى مقتل أكثر من 60 مليون إنسان، بعدما انفلت عقال العقل، ووصلت الأمور إلى نقطة اللاعودة.
الحرب على الأبواب، وقد تنبأ بها هنري كيسنجر قبل سنوات، عندما قال إن طبولها تدق بالفعل في الشرق الأوسط، وأن الأصم فقط هو من لا يسمعها، مشيرا إلى أن إيران ستكون هي الفتيل الذي سيشعل هذه الحرب، وأن إسرائيل ستكون هي الرابح الوحيد فيها، لأنها سوف تسيطر ـ إذا ما سارت الأمور وفق المخطط الصهيوني المرسوم ـ على نصف مساحة الشرق الأوسط!.
هي الحرب إذن، تدق طبولها الأخيرة، فلا تحدثني عن جرذان أردوغان، وميليشيات داعش، فالجيش الليبي وحده، ودون مساعدة من أحد كفيل بهم، ولكن تابع معي يومياتها الجديدة على شاشة التلفاز، ومواقع التواصل الاجتماعي، وتغريدات ترامب على "تويتر"، ولا تحرك عينيك ولو للحظة، عن عدوك التاريخي المتحفز مثل الشيطان في الشرق.. وثروتك القابعة تحت مياه المتوسط.
إرسال تعليق